الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: منحة الخالق على البحر الرائق شرح كنز الدقائق ***
(قوله: قال الإمام لا حد ولا لعان لأن الثلاث إلخ) حاصله أنه لا حد هنا لأن القذف وقع عليها وهي زوجته وقذف الزوجة لا يوجب الحد ولا لعان لأن اللعان أثره التفريق بينهما وهو لا يتأتى بعد البينونة لحصوله بالإبانة وهو لا يصح بدون حكمه. (قوله: تعلق بالدخول) الضمير فيه يعود إلى كل من قوله: يا زانية وقوله: أنت طالق قال الفارسي في شرح التلخيص في باب الاستثناء يكون على الجميع أو البعض اعلم أن قول الرجل لامرأته يا زانية إن تخلل بين الشرط، والجزاء بأن قال: أنت طالق يا زانية إن دخلت الدار وبين الإيجاب، والاستثناء بأن قال أنت طالق يا زانية إن شاء الله لم يكن ذلك قذفا في الأصح فلا يجب به حد ولا لعان، وإن تقدم قوله: يا زانية على الشرط، والجزاء أو على الإيجاب، والاستثناء أو تأخر عنهما كان قذفا في الحال لأن قوله يا زانية للاستحضار عرفا لكونه نداء ولإثبات صفة الزنا وضعا فكان ملائما للخطاب من حيث كونه للاستحضار غير ملائم له من حيث إنه إثبات صفة في المنادى فتوفر على الشبهين حظهما فيتعلق إذا كان موسطا وينجز إذا كان طرفا أو متأخرا عملا بالشبهين وعن أبي يوسف أنه لا يكون المتخلل فاصلا لأنه كلام تام لا يقبل التعليق فلم يتعلق الطلاق فكان قذفا فيقع الطلاق للحال ويجب اللعان وعن محمد يتعلق ما يقبل التعليق وهو الطلاق لا القذف ويجب اللعان وجه ظاهر الرواية أن يا زانية، وإن كان جزاء إلا أن المراد منه هنا النفي دون التحقيق أو لأنه نداء، والنداء لا يفصل لأنه لإعلام المخاطب بما يراد به فكان من نفس الكلام ولهذا لو قال: أنت طالق يا عمرة إن دخلت الدار تعلق الطلاق وإذا لم يكن فاصلا تعلق الطلاق بالشرط فيتعلق القذف أيضا لأنه من نفي الكلام ولأنه أقرب إلى الشرط وإذا تعلق الأبعد كان الأقرب أولى فإن قيل لم يعلق القذف بالشرط بل ناداها فيكون القذف مرسلا قلنا لم نعلقه نصا بل حكما لكون الكلام واحدا فإذا ذكر الشرط في الأخير انصرف إلى جميع الكلام وإذا تعلق يا زانية لم يكن قذفا في الحال وكذا عند وجود الشرط لأن الدخول لا يجعل غير الزاني زانيا ا هـ. ملخصا. (قوله: فسيذكره المصنف) أجاب في النهر بأن ما سيذكره من عطف الخاص على العام (قوله: وما لو قال أنت طالق ثنتين. إلخ) عطف على قوله ما في الظهيرية وإنما تقع واحدة لأن مع هنا بمعنى بعد كما تقدم في قوله مع عتق مولاك إياك. (قوله: ولو قال فاشهدوا فثلاث) أي لو قال أنت طالق فاشهدوا ثلاثا فالواقع ثلاثا لأن قوله فاشهدوا بالفاء لا يعد فاصلا لأن الفاء تعلق ما بعدها بما قبلها فصار الكل كلاما واحدا بخلاف قوله اشهدوا ومثله ما يأتي قبيل باب الكنايات عن تلخيص الجامع. (قوله: فإن لم يقرن بهاء الكناية) أي بالهاء التي هي ضمير مكنى به عن الاسم الظاهر (قوله: ما يقول الفقيه أيده الله ولا زال عنده الإحسان) إلى قوله وهذا البيت يمكن إنشاده على ثمانية أوجه أي كما ترى (قوله: والضابط فيما اجتمع فيه القبل، والبعد. إلخ) هكذا ذكره في الفتح أيضا وتبعه في شرح نظم الكنز، والنهر، والدر المختار وحاصله إلغاء أحد المتكررين بغير المتكرر واعتبار أحد المتكررين الآخر أينما كان أولا أو وسطا أو آخرا فإن كان لفظه قبل فالمراد شوال أو بعد فشعبان وعن هذا قال المقدسي في شرحه نظما قابل القبل بالذي هو بعد وسواه يبنى عليه البيان وتأمل بفطنة وذكاء فبه يدرك الوجوه الثمان ا هـ. وعلى هذا فيقع في الوجه الثاني، والثالث، والرابع في شوال، وفي السادس، والسابع، والثامن في شعبان إذا ظهر لك ما قررناه علمت عدم صحة ما يذكره المؤلف من الحاصل حيث جعل الملغي الطرفين الأولين أيا كانا قبلين أو بعدين أو مختلفين وجعل المعتبر هو الأخير المضاف إلى الضمير وغاب عنه أنه منابذ لما نقله هنا، وقد رأيت بعضهم اغتر فتابعه ولم أر من نبه على ذلك فلله الحمد، والمنة هذا واعلم أن هذين البيتين قديمان وللإمامين الجليلين العلامة ابن الحاجب، والعلامة السبكي فيهما كلام لخصه الحافظ الإمام شيخ الإسلام بدر الدين العامري الشهير بابن الغزي الشافعي كما رأيته في مجموعه بخطه الشريف، وقد ذكر الصور الثمانية متشعبة من الشطر الأخير ورسم عند كل صورة الشهر المراد على طبق ما قررته أو لا خلافا لما ذكره المؤلف ثم قال نظما: هاك مني جواب ما قيل نظما من سؤال يحفه الإتقان عن فتى علق الطلاق بشهر قبل ما قبل قبله رمضان موضحا ما أجاب عنه به ابن الحاجب الحبر ذو التقى عثمان حكمه إن تمحضت بعد فيه في جمادى الآخر يرى الفرقان ثم ذو الحجة الحرام إذا ما محضت قبل للطلاق زمان وإذا ما جمعت ذينه الغ قبلا مع بعد وما بقي الميزان مع قبل المراد شوال فاعلم ومن البعد قصدنا شعبان كل ذا حيث ألغيت ما وهذا بسط ذاك الجواب والتبيان وإذا ما وصلتها فجماد قبل ما بعد بعده رمضان ثم ضد بحجة محض قبل فيه شوال عندهم أبان ولضد شعبان ثم سوى ذا عكس ما مر في الزمان بيان ثم ما إن وصفتها فكوصل خذ جوابا قد عمه الإحسان ا هـ. ما وجدته بخطه وبيانه أن ما إما أن تكون زائدة أو موصولة أو موصوفة فإن كانت زائدة فالجواب ما مر بيانه، وإن كانت موصولة أو موصوفة ففي قبل ما بعد بعده رمضان يقع في جمادى الأخرى لأن الذي بعد بعده رمضان هو رجب فالذي قبله جمادى، وفي عكس هذه نحو بعد ما قبل قبله رمضان يقع في ذي الحجة لأن الشهر الذي قبل قبله رمضان هو ذو القعدة فالذي بعده ذو الحجة، وفي محض قبل في شوال لأن الذي قبل قبله رمضان ذو القعدة كما مر فالذي قبله شوال، وفي عكسه في شعبان لأن الذي بعد بعده رمضان هو رجب فالذي بعده شعبان فهذه أربع صور وبقي أربع سواها الأولى قبل ما قبل بعده الثانية بعدما بعد قبله الثالثة قبل ما بعد قبله الرابعة بعدما قبل بعده وحكمها عكس ما مر في إلغاء ما ففي الصورة الأولى من هذه الأربع إذا كانت ما ملغاة يقع في شوال كأنه قال قبل قبل بعده رمضان فيلغى قبل ببعد فيصير كأنه قال قبله رمضان وذلك شوال وإذا كانت موصولة أو موصوفة يصير كأنه قال قبل شهر أو قبل الشهر الذي قبل بعده رمضان فيلغي قبل ببعد كما مر لأن الذي قبل بعده رمضان هو رمضان نفسه فتكون ما عبارة عنه وبإضافة قبل إليها يصير كأنه قال بشهر قبل رمضان وذلك شعبان وقس عليه الثلاثة الباقية فما يقع في شعبان أو في شوال مع إلغائها يعكس مع عدمه وأنا لم أدر لم اقتصر علماؤنا على بيان أوجه الإلغاء مع أن هذا هو التحقيق والذي يظهر أن الحكم عندنا لا يخالف ذلك لأنه أمر مبني على لفظ لغوي والله تعالى أعلم فتأمل. (قوله: لأن كل شهر بعد قبله. إلخ) كرمضان مثلا فإن قبله شبعان وبعده شوال فهو أي رمضان بعد قبله أي شعبان وقبل بعده أي شوال، فقوله: بشهر قبل ما بعد قبله رمضان الجار، والمجرور متعلق بعلق ورمضان مبتدأ مؤخر وقبل خبره مقدم مضافا إلى ما بعده وما ملغاة وهو مضاف إلى الضمير العائد على شهر، والجملة من المبتدأ، والخبر في محل جر صفة لشهر (قوله: وقع في ذي الحجة) لأن قبله ذا القعدة وقبل هذا القبل شوال وقبل قبل القبل رمضان، وفي محض بعد وقع في جمادى الآخرة لأن بعده رجب وبعد هذا البعد شعبان وبعد بعد البعد رمضان (قوله: ومن مسائل الظروف الثلاثة ما في تلخيص الجامع. إلخ) لم أجده في الجزء الذي عندي من شرح الفارسي. (قوله: كالأيمان المتعاقبة) قال الرملي تفسيره لو قال إن دخلت الدار فأنت طالق ثم بعد زمان قال إن دخلت الدار فأنت طالق فدخلت يقع الكل اتفاقا (قوله: ولو عطف بثم وأخر الشرط ا ح) قال الرملي: هذا غلط بلا شبهة ولا صحة لهذا الكلام إلا لو كان التعليق بقوله أنت طالق ثم طالق إن تزوجتك ثم طالق فإنه حينئذ ينجز الأول ويتعلق الثاني ويلغو الثالث لأن بقوله أنت طالق وقع الطلاق وبقوله ثم طالق إن تزوجتك تطلق بالتزوج المعلق عليه الطلاق ولغا الثالث لعدم الإضافة إلى التزويج فتأمل وانظر إلى قوله، والحاصل أن الحروف ثلاثة إلى آخره ا هـ. وهذا الاعتراض مبني على ما وقع له من نسخة سقيمة وهي ولو عطف بثم وأخر الشرط تعلق الثاني وتنجز الأول فيقع المعلق عند الشرط بعد النزوح الثاني ولغا الثالث، وفي المدخول بها تعلق الأول وتنجز ما بعده وعلى ما في عامة النسخ لا اعتراض بل هو الموافق لما في الفتح، والتبيين، والنهر وغيرها (قوله: وقيد بحرف العطف. إلخ) في أيمان البزازية من الثالث في يمين الطلاق إن دخلت الدار فأنت طالق طالق طالق وهي غير ملموسة فالأول معلق بالشرط، والثاني ينزل في الحال ويلغو الثالث، وإن تزوجها ودخل الدار نزل المعلق ولو دخل بعد البينونة قبل التزوج انحل اليمين لا إلى جزاء، ولو موطوءة تعلق الأول ونزل الثاني، والثالث في الحال ا هـ. وهذا كما ترى مخالف لما نقله هنا عن الفتح إلا أن يفرق بين واحدة واحدة وبين طالق طالق وهو الظاهر (قوله: بخلاف فاذهبي يا عدوة الله) لأن ذكره بفاء العطف يقتضي تعلقه بما سبق فصار الكل كلاما واحدا بخلاف ما لو لم يذكره بالفاء لكن انحلال اليمين الأولى في مسألتنا عند زفر بشرط الثانية وهو قوله: إن كلمتك لأن شرط الحنث مطلق الكلام، وقد وجد فصار كما لو اقتصر عليه ولم يتلفظ بالجزاء فيصادفها الجزاء وهي مبانة لا إلى عدة فلا تنعقد عليها اليمين الثانية وعند الثلاثة بالجزاء فانعقدت الثانية لأن الجملة الشرطية واحدة، والمتعارف الكلام المفيد بخلاف ما لو اقتصر على الشرط لأن الكلام يكون تاما وناقصا فإن اقتصر على الناقص علم أنه المراد، وإن جاوزه إلى التام علم أنه المراد وعلى اختيار ابن الفضل لا يحنث لو اقتصر وبه يندفع استشهاد زفر ولأن الجملة لو لم تكن واحدة لنزل طلقتان على المدخولة بتكرير كلما طلقتك فأنت طالق لأن قوله ثانيا كلما طلقتك مخاطبة لها وكذلك فأنت طالق خطاب ثان. فإذا ثبت انعقاد اليمين الثانية انحلت بوجود الثالثة لا إلى جزاء لأن الجزاء يصادفها وهي مبانة فتلغوا الثالثة لعدم الملك، وقال أبو مطيع وجماعة من مشايخ بلخ: لا ينحل منها شيء إلا بكلام مبتدأ وإليه سبق وهم أبي حنيفة حين سأله محمد في صغره عمن قال ثلاثا والله لا أكلمك وقال يا شيخ انظر حسنا فقال حنث مرتين، فقال محمد أحسنت وقوله: وفي إن حلفت. إلخ أي، وفيما لو قال ثلاث مرات لغير المدخولة إن حلفت بطلاقك فأنت طالق لا تنحل اليمين الثانية إلا بتعليق طلاقها بالملك بأن يقول إن تزوجتك فأنت طالق أو يتعلق بعد ملك النكاح بأن يتزوجها، ويقول إن دخلت الدار فأنت طالق لأن شرط الانحلال هنا هو الحلف بطلاقها وذلك بإدخالها في جزاء اليمين الثالثة وهو الطلاق ولا يصح إدخالها فيه لعدم الملك عند وجودها بخلاف الأولى لأن الشرط وهو الكلام يتصور في غير الملك وكذا الحكم في تعليق الرجل طلاق امرأتيه المدخول بها غير المدخول بها بالحلف بطلاقيهما بأن قال لهما ثلاثا: إن حلفت بطلاقيكما فأنتما طالقان إنما تنحل الثانية في حقهما بتعليق طلاق غير المدخول بالملك أو بعده بشرط آخر كما مر لأن اليمين الثالثة التي هي شرط انحلال الثانية إنما انعقد على المدخولة خاصة لأن الشرط في انحلال الثانية الحلف بطلاقهما وذلك بإدخالهما في جزاء الثالثة وهو الطلاق ولم يمكن إدخال غير المدخولة فيه لعدم الملك كما مر فكانت الثالثة في حق انحلال الثانية شطر الشرط لا كله فلا يؤثر في انحلال شيء فإذا علق بعده طلاق غير المدخول بالملك أو بعد بشرط آخر كمل الشرط فتطلق كل طلقة أخرى مع التي وقعت بانحلال اليمين الأولى. وقوله: وذا إشارة إلى تعليق طلاق غير المدخولة بالملك أو بعده في حق اليمين الثالثة شطر أيضا من شروط الانحلال في حق المدخولة لأن الثالثة منعقدة في حقها خاصة إلا أن شرط وقوع الطلاق عليها الحلف بطلاقيهما وقد وجد الحلف بطلاق غير المدخولة بقي لتمام شرط انحلال الثالثة في حق المدخولة الحلف بطلاقها فلا تنحل ما لم يحلف به وهي في العدة بأن يقول إن دخلت الدار فأنت طالق فحينئذ تطلق ثالثة وبهذا أعني الحلف بطلاق غير المدخولة وجد ثلاثة أشياء انعقاد اليمين عليهما وتمام شرط انحلال اليمين الثانية وشطر شرط الحنث في اليمين الثالثة كذا في شرح الفارسي ملخصا. (قوله: أن لا يصرح بذكر المستعار إلخ) ليس هذا هو الكناية المصطلح عليها عند البيانيين بل هي ما يأتي في كلام التنقيح أما هذه فهي الاستعارة المكنية المقابلة للمصرحة ثم رأيته تعقبه في النهر بعد ما ذكر معنى الكناية عندهم بنحو ما يأتي قال إن ما ذكره في البحر هو الاستعارة بالكناية التي من المجاز بعلاقة المشابهة ولا يصح إرادتها في شيء من الألفاظ الآتية بخلاف الكناية بالمعنى المذكور فإنه يصح إرادتها في نحو اعتدي كما سيأتي. (قوله: وهو يفيد أنه من باب الاقتضاء) قال في النهر فيه نظر كيف، وقد جعله مقابلا له فتدبر. (قوله: فلا يتجاوز الواحدة) أي فلا تعتبر نية البينونة الكبرى ولم يصرح بعدم اعتبار الصغرى مع أن الكلام مسوق لبيانه أيضا للعلم به من كون الوقوع بالمصدر وهو تطليقة (قوله: وهو قول العامة، وهو الصحيح) احتراز عما قال بعضهم إن رفع الواحدة لا يقع شيء، وإن نوى، وإن نصبها وقعت واحدة، وإن لم ينو لأنها حينئذ نعت للمصدر أي أنت طالق تطليقة واحدة فقد أوقع بالصريح، وإن سكن احتيج إلى النية كذا في الفتح (قوله: فيحتاجون إلى الفرق) قال في النهر وكأنه عملا بالاحتياط في البابين (قوله: بل كل كناية كان فيها ذكر الطلاق. إلخ) فيه قصور عما يذكره أيضا من قوله لست لي بامرأة. إلخ فإنه لا ذكر للطلاق فيه تأمل. (قوله: وما في معناها) أي مما مر قريبا وهو جواب عما أورد على المصنف أن كون ما عدا الثلاث يقع به بائنا ممنوع بل يقع الرجعي ببعض الكنايات سوى الثلاث، وفي حاشية مسكين أن مبنى الإيراد على أن ما سبق من هذه الألفاظ منه قسم الكناية والذي يظهر خلافا وأنها من الصريح، وقد كنت توقفت في ذلك برهة حتى رأيت بخط الحموي الموافقة عليه ا هـ. وفيه نظير لأنها لو كانت من الصريح لما احتاجت إلى نية، وقد تقدم في باب الصريح أنه لا يتوقف على نية بإجماع الفقهاء ومقتضى كلام المؤلف من كون ما سبق داخلا في كلام المصنف توقفها عليها (قوله: وكما لا يرد عليه اختاري) أي بدون الجمع بينه وبين الأمر باليد وقوله: لما سنذكره أي عند قول المصنف ولم تصح نية الثلاث لأنه إنما يفيد الخلوص، والصفا فهو غير متنوع، والبينونة تثبت فيه مقتضى فلا تعم بخلاف أنت بائن ونحوه لتنوع البينونة إلى غليظة وخفيفة ا هـ. وفي هذا الجواب نظر وكلام النهر يقتضي أن النسخة لما سيذكر بالياء أي المصنف، والمعنى أنه أطلق هنا، والمراد ما عدا اختاري اعتمادا على ما يأتي من أنه لا تصح نية الثلاث قال في النهر وأرى أن في قول المصنف وهي أي غير الثلاث من الكنايات التي يقع بها البائن هذه الألفاظ المحصورة فكأنه قال: وفي غيرها التي هي كذا لا غيرية مطلقة دفعا للإيراد ا هـ. وحاصله: أنه لما بين المراد من قوله، وفي غيرها. إلخ بقوله وهي بائن. إلخ لم يدخل فيه اختاري. (قوله: قال الكمال في الفتح ثم في الهبة. إلخ) ساقط من بعض النسخ وهو الأنسب فإن محل ذكره في القولة التي بعده. (قوله: وهو بعيد هنا) أقول: يؤيده تصريح الذخيرة بخلافه حيث قال: ولو قال لها اذهبي وتزوجي لا يقع الطلاق إلا بالنية، وإن نوى فهي واحدة بائنة، وإن نوى الثلاث فهي ثلاث ا هـ. (قوله: وفي المنتقى. إلخ) يخالفه ما مر في شرح قوله: أنت طالق بائن أو ألبتة أو أفحش الطلاق. إلخ أنه لو قال أنت علي حرام ألف مرة تقع واحدة ونبهنا عليه هناك. (قوله: كخلية برية. إلخ) تمثيل لقوله سبا لا له ولقوله أو ردا لأنها لا تصلح له وارجع إلى النهر تزدد بصيرة (قوله: وبهذا علم أن الأحوال ثلاثة) قال في النهر: وعندي أن الأولى هو الاقتصار على حالة الغضب، والمذاكرة إذ الكلام في الأحوال التي تؤثر فيها الدلالة لا مطلقا ثم رأيته في البدائع بعد أن قسم الأحوال ثلاثة كالشارح قال ففي حالة الرضا يدين في القضاء، وإن كان في حالة مذاكرة الطلاق أو الغضب فقد قالوا إن الكنايات أقسام ثلاثة وذكر ما مر وهذا هو التحقيق (قوله: قسم يصلح جوابا) أي جوابا لطلبها الطلاق أي التطليق (قوله: وفي التنقيح قالوا. إلخ) حاصله أن إطلاق الكناية على كنايات الطلاق مجاز بناء على تفسير الأصوليين لها بما استتر المراد منها وهذا بناء على أن المستتر الطلاق وهذا مقابل لما مر من أنها كنايات حقيقة بناء على منع كون المكني عنه الطلاق وإنما هو البينونة (قوله: لمعاني كلام الناس) قال في فتح القدير كأنه يريد أن مراد الناس بمثله اسلكي الطرق الأربعة وإلا فاللفظ إنما يعطي الأمر بسلوك أحدها، والأوجه أن تقع واحدة بائنة ا هـ. (قوله: وقيدنا بظهور النكاح) اعترضه في النهر بأن قول المصنف وتطلق مستغن عن التقييد به لما في البزازية لو قالت أنا امرأتك فقال لها أنت طالق كان إقرارا بالنكاح وتطلق لاقتضاء الطلاق النكاح وضعا. (قوله: فإنه لا يقع على المختلعة) أي إلا أن يعنيها فإن عناها طلقت، كذا في كافي الحاكم الشهيد من باب الخلع ا هـ. والظاهر أن عدم الوقوع لكونها ليست امرأة له من كل وجه بل من بعض الأوجه ولذا يقع عليها بالنية بخلاف ما إذا لم ينو لكونها كالأجنبية ولذا قال في حاوي الزاهدي قال لامرأته: أنت طالق واحدة ثم قال إن كنت امرأة لي فأنت طالق ثلاثا إن كان الطلاق الأول بائنا لا يقع، والثاني، وإن كان رجعيا يقع الثاني. (قوله: محمول على رواية أبي يوسف) أقول: صرح بذلك في كافي الحاكم بعد ذكره ما هو ظاهر الرواية حيث قال وكذلك لو قال لها بعد الخلع اعتدي يريد به الطلاق وقعت عليها تطليقة أخرى لأن اعتدي لا يكون بائنا ولا يراد به الفرقة ولا فساد النكاح قال أبو الفضل قال أبو يوسف في موضع آخر لا يقع باعتدي على البائنة شيء ا هـ. (قوله: لكن يرد عليه. إلخ) أي على قوله، والمراد بالصريح هنا الواقع به الرجعي (قوله: بناء على أن الصريح شامل للبائن، والرجعي) ولذا فسره في الفتح بأنه ما لا يحتاج إلى نية بائنا كان الواقع به أو رجعيا ويرد عليه كما في النهر ما مر عن ظاهر الرواية من أنه لو أبانها ثم قال لها في العدة اعتدي ينوي الطلاق أنه يقع إلا أن يجاب عنه بما مر عن البدائع (قوله: لكن يشكل عليه ما في القنية. إلخ) أي يشكل على إلغاء الوصف أقول: وذكر صاحب القنية في كتابه الحاوي أيضا هذه المسألة وعبارته: قال لمختلعته أو لمبانته أنت طالق بائن لا يقع، ولو قال أنت طالق ألبتة ونوى الثلاث لا يقع عند أبي حنيفة وقال أبو يوسف هي ثلاث خلافا لزفر فإنه واحدة عنده ا هـ. وما عزاه للإمام أبي حنيفة من عدم الوقوع موافق لما قرره المؤلف عند قول المتن أنت طالق واحدة أو لا. إلخ من أن الوصف متى قرن بالعدد كان الوقوع بالعدد وكذا الوقوع بالمصدر عند ذكره وكذا الوقوع بالصفة عند ذكرها كما إذا قال أنت طالق ألبتة كان الوقوع بالبتة حتى لو قال بعدها إن شاء الله متصلا لا يقع، ولو كان الوقوع باسم الفاعل لوقع ا هـ. أي لأن الوصف يصير فاصلا بينه وبين الاستثناء وعلى هذا فإذا كان الوقوع بالوصف وهو هنا لفظ بائن كان من البائن بعد البائن لا من الصريح الواقع به البائن لكن يشكل عليه أنه لا يحتاج إلى النية في أنت طالق بائن فيصدق عليه تعريف الصريح إلا أنه يجاب بأن عدم احتياجه إلى النية لدلالة الحال وهي ذكر الطلاق الموصوف بلفظ بائن، والدلالة قائمة مقام النية فلم يدخل في تعريف الصريح لأنه متوقف على الدلالة القائمة مقام النية فكأنه توقف على النية وعلى هذا فلا حاجة إلى دعوى إلغاء الوصفية تأمل. (قوله: أطلقه فشمل ما إذا خالعها أو طلقها على مال) قال في النهر: قوله: أو طلقها على مال: سهو لما مر أن هذا من الصريح لا من البائن الذي يلحق الصريح (قوله: ويشكل عليه ما في القنية. إلخ) أقول: هذا الفرع المنقول في القنية وكذا الفرع الآخر المنقول عن الخلاصة من الجنس السادس الذي استشكله المؤلف بعد يفيد أن المراد بالصريح هنا في قولهم، والبائن يلحق الصريح هو الرجعي فقط بخلاف الصريح في قولهم الصريح يلحق الصريح فإنه المراد به ما يشمل الصريح، والبائن وإذا حمل الصريح هنا على الرجعي فقط يندفع الإشكالان تأمل وراجع وعلى هذا فيكون المراد بالبائن الثاني ما يشمل البائن الصريح، والتعليل بصدق جعله خبرا يشمله ويدل على ما قلناه عبارة الكافي للحاكم الشهيد الذي هو جمع كلام محمد في كتب ظاهر الرواية وذلك حيث قال وإذا طلقها تطليقة بائنة ثم قال لها في عدتها أنت علي حرام أو خلية أو برية أو بائن أو بتة أو شبه ذلك وهو يريد به الطلاق لم يقع عليها شيء لأنه صادق في قوله هي علي حرام وهي مني بائن ا هـ. فقوله: ولو طلقها تطليقة بائنة ظاهر في أنه طلقها بالصريح البائن ولفظ طلقها يفيد ذلك حيث لم يقل وإذا أبانها وبقرينة المقابلة المقابلة أيضا فهذا يفيد أن البائن لا يلحق الصريح البائن فيتعين حمل الصريح هنا على الرجعي كما قلنا، والفرعان المشكلان يدلان على ذلك وبما قلنا يندفع إشكالهما ويدل على ذلك أيضا قول الزيلعي أما كون البائن يلحق الصريح فظاهر لأن القيد الحكمي باق من كل وجه لبقاء الاستمتاع ا هـ. إذ لا يخفى أن بقاء الاستمتاع لا يكون إلا بالرجعي فلو كان المراد بالصريح هنا ما يشمل الصريح البائن لم يصح التعليل ويدل عليه أيضا ما في التتارخانية قبيل الفصل السادس، ولو طلقها على مال أو خلعها بعد الطلاق الرجعي يصح ولو طلقها بمال ثم خلعها في العدة لا يصح ا هـ. وانظر كيف فرق بين الرجعي، والبائن الصريح حيث جعل الخلع واقعا بعد الرجعي غير واقع بعد البائن الصريح وهو الطلاق بمال. (قوله: ولا مخلص إلا بكون المراد. إلخ) هذا بعيد كما في النهر وأقول: قد علمت المخلص بحمل الصريح في قولهم، والبائن يلحق الصريح لا البائن على الصريح الرجعي، والطلاق بمال صريح بائن فلا يلحقه الخلع وقوله: والدليل عليه. إلخ غير ظاهر إذ الفرق أوضح من أن يخفى فإن عدم لزوم المال في العكس وهو ما إذا طلقها بمال بعد الخلع سيذكر وجهه قريبا وهو أن إعطاء المال لتحصيل الخلاص المنجز وأنه حاصل أي لأن الخلاص المنجز الذي لا يتوقف على مضي عدة حاصل بالخلع فإذا طلقها بعده وقع بائنا، وإن كان رجعيا لحصول البينونة قبله وإذا كان بمال لم يلزم المال أيضا لذلك أما في مسألتنا إذا طلقها أولا بمال يلزم المال بلا شبهة إذ لولاه لم يحصل الخلاص المنجز فيلزم المال لحصول المقصود به ثم إذا خلعها بعده لم يقع لئلا يلزم تحصيل الحاصل وهو الخلاص المنجز فكيف يصح دعوى عدم لزوم المال الذي حصل به العوض المقصود به بشيء طارئ عليه بل يلغو ذلك الطارئ إذ هو أحق بالإلغاء لحصول المقصود قبله وهذا الوجه معين أيضا لما قلنا من أن المراد بالصريح هنا ما يشمل الصريح البائن إذ لا فائدة في وقوع البائن بعده، وإن كان الأول بلفظ الصريح فاغتنم تحرير هذا المقام فإنه من فيض الفتاح العليم. (قوله: وينبغي أنه إذا أبانها. إلخ) لا يخفى اندفاعه بما مر عن المحيط من إلغاء النية في أصل البينونة لكونها حاصلة وكذا ما قدمه عن الحاوي من قوله ولا يقع بكنايات الطلاق شيء، وإن نوى على أن تعبيرهم بإمكان كونه خبرا ظاهرا في كونه احترازا عما لا يمكن جعله خبرا لا عما لو نوى به طلقة ثانية لأن كل بائن لا بد فيه من النية فإذا نوى بالبائن الثاني الطلاق وأمكن جعله خبرا عن الأول لا يقع وليس المراد أن ينوي الطلاق الأول بخصوصه وإلا كان عليهم أن يقولوا إذا نوى به الأول فعدولهم عن التعبير بهذا إلى التعبير بالإمكان المذكور دليل واضح على أنه متى أمكن جعل الثاني خبرا لا يقع، وإن نوى به طلقة أخرى (قوله: لأنا نقول ليس بمعلق. إلخ) وأيضا قد مر عن البدائع أن تعليق البائن في العدة لا يصح كالتنجيز وسيأتي أيضا. (قوله: بعد الإبانة) متعلق بوقوع لا بالمعلق كما لا يخفى (قوله: والمراد الأول لا الثاني) قال في النهر: لا يخفى أن الضمير في " يعلق " يتعين أن يرجع إلى البائن لا إلى المثل لما استقر من أن ما بعد مع متبوع لما قبلها نحو: جاء زيد مع عمرو ولا شك أن البائن هو التابع للمثل أي اللاحق له إن لم يعلق لم يقع وإلا، وإن سبق تعليقه وقع ا هـ. قلت لا يخفى أن كون بائن هو التابع للمثل لا يعين رجوعا لم يعلق إليه بل الاحتمال باق كما لا يخفى ثم قال في النهر: نعم يرد عليه أنه يشترط كما مر أن يعلقه قبل المنجز وليس في بيته ما يفيد هذا المعنى وهذا وارد على بيت الشيخ عبد البر أيضا فبيت، والده من الحسن بمكان غير أنه لا يخفى ما في قوله كلا من الإيهام ويرد على الكل ما قدمناه لو قال كل امرأة له طالق لم يقع على المختلفة، ولو قال إن فعلت كذا فامرأته كذا لم يقع على المعتدة من بائن فقلت مفردا من الزجر مبينا لها عن الكلية قد خرج إلا بكل امرأة، وقد خلع وألحق الصريح بعد لم يقع ا هـ. والواو في: وقد خلع للحال وألحق بالبناء للفاعل معطوف على خلع أي خلع وألحق الصريح بعد الخلع هذا ولا يخفى أنه لا حاجة إلى هذا الاستثناء لأن عدم الوقوع في المسألتين لعدم تناول لفظ المرأة معتدة البائن ولذا لو خاطبها وقع كما أشار إليه المؤلف سابقا على أنه لم يستثن في البيت المسألة الأخرى ولبعضهم في نظم المسألة أيضا صريح طلاق المرء يلحق مثله ويلحق أيضا بائنا كان قبله كذا عكسه لا بائن بعد بائن سوى بائن قد كان علق فعله. (قوله: وإذا أسلم أحد الزوجين. إلخ) قال الرملي هذا في طلاق أهل الحرب، وقد أتبعه في الخلاصة بعد ذكر ما ذكره البزازي هنا بقوله في باب طلاق أهل الحرب من أصل ولا يخفى ما في ذكره هنا مطلقا من الخفاء قال العقيلي في المنهاج حربية خرجت مسلمة ثم خرج زوجها بأمان فطلقها لا يقع فإن أسلم الزوج أو صار ذميا ثم طلق يقع عند محمد رحمه الله وهو قول أبي يوسف الأول، وفي قوله الآخر لا يقع ا هـ. وفي التتارخانية م، وفي المنتقى عن أبي يوسف ما يدل على أنه لا عدة على المهاجر إذا خرج الحربي مسلما وتركها في دار الحرب فلا عدة عليها في قولهم جميعا ا هـ. فاعلم ذلك ا هـ. قلت وقدم المؤلف في أول كتاب الطلاق عن الفتح أنه لا يقع الطلاق في عدة عن فسخ إلا في تفريق القاضي بإباء أحدهما عن الإسلام، وفي ارتداد أحدهما مطلقا ا هـ. لكن فيه أنه إذا كانت هي الآبية فإن هذه الفرق فسخ أما لو كان الآبي هو الزوج وهو من أهل الطلاق فهي طلاق. (قوله: وفي الذخيرة. إلخ) ذكر في الذخيرة بعد ذلك بيان الفرقة التي هي طلاق والتي ليست بطلاق فقال: الفرق بالجب، والعنة طلاق بلا خلاف إذا كان الزوج من أهل الطلاق وإلا بأن كان صبيا فقيل فرقة بغير طلاق وقيل بطلاق ويكون بائنا ولها المهر كاملا وعليها العدة ولا تقع الفرقة إلا بقضاء القاضي، والفرقة بخيار البلوغ وهي فسخ ولا تقع إلا بالقضاء وكذا الفرق بعدم الكفاءة، والتقصير في المهر هي فسخ لا طلاق، والفرقة بإباء أحدهما عن الإسلام بتفريق القاضي تكون طلاقا إن كان الآبي هو الزوج وكان من أهل الطلاق وإلا بأن كان صبيا عقل الإسلام وأبى فقيل طلاق عند أبي حنيفة ومحمد وقيل هي فرقة بغير طلاق إجماعا، وإن كانت هي الآبية بأن أسلم هو وهي مجوسية أبت أن تسلم فهي فرقة بغير طلاق إجماعا ولا تقع إلا بالقضاء أيضا، والفرقة باللعان طلاق ولا تقع إلا بالقضاء.
|